صفاء الادارة
عدد الرسائل : 1233 العمر : 45 المزاج : راااايق تاريخ التسجيل : 03/01/2009
| موضوع: الأدب المقارن بين التراث والمعاصرة الأحد يناير 04, 2009 2:31 pm | |
| الأدب المقارن بين التراث والمعاصرة
بقلم: أ. د. محمد بن سعد آل حسين
لم يكن الأدب المقارن من حيث هو بحث في العلاقات بين الآداب، لم يكن في هذا بالجديد كما يزعم بعضهم، وإنما الجديد فيه قصرهم إياه على الموازنة بين أدبين متغايرين لغة ومجتمعاً، وهذا يضيق مجال هذا العمل الذي سبق إليه العرب فقد وازنوا بين الأدب العربي وبعض من آداب الشعوب التي دخلت في الإسلام كفارس أو الأمم القديمة كاليونان.
لكن ما جدوى هذا العمل ولماذا قل المنجذبون إليه؟
لعلنا نجد الجواب على ذلك في هذا الكتاب الذي ألفه الصديق أ. د- صابر عبدالدايم يونس ونشره سنه 1423ه في 226 صفحة من القطع المتوسط وكتب له مقدمة هي من أحسن المقدمات حيث جلا فيها مقاصده وأهدافه ثم قدّم الأدلة على صدق ما يتحدث به خاتماً هذه المقدمة بقوله:
"فإن هذه الحقائق التي حرصت على تجليتها في هذه الدراسات تحاول تأصيل القيم الفكرية والإبداعية التي أبدعتها أمتنا العربية في أوج حضارتها".
ويتكون الكتاب من سبعة فصول، أولها (الأدب المقارن: أضواء على المدلول والنشأة) فبعد حديث عن الابداع والتلقي قدم ما يمكن وصفه بأنه تعريف للأدب المقارن، ولكنه تعريف طويل لو أنه حصره في كلمات معددوة لأحسن وذلك قوله: "فالأدب المقارن هو: دراسة علائق الوقائع التي وجدت بين منتجات أعاظم المؤلفين في كل دولة، والمنابع التي انتهلوا منها أو استوحوها أو تأثروا بها وهو يعنى أيضا بتلك التغييرات العجيبة أو التشويهات الأسيفة التي يحدثها الأفراد أو الشعوب في منتجات الأجانب خضوعا لظروف مختلفة وعوامل متباينة كالجهل والأوهام والأخيلة الخصبة، والقصص المتداولة، والمأثورات الموروثة".
وطّوف المؤلف في تعريفات الأدب المقارن ليصل إلى التمثيل العملي للاحتذاء الذي يقع بين الأدباء وكان المثال (جبران) (وبليك)، ومن قوله في هذا: "وفي أدبنا العربي يبدو التلاقي التاريخي بين وليم بليك الانجليزي وجبران خليل جبران، فقد احتذى جبران حذوه وقلده في كل شيء حتى في طريقة حياته وظهر أثر هذا الاحتذاء به في أدبه.
وأعجبه من حياة بليك هدوءه العائلي ومشاركته زوجته له في تأملاته، ومعاونتها له في فنه بقدر استطاعتها، وظهر أثر وليم بليك في كتابات جبران وأخيلته التي تجول فيما وراء الحس، وتجسّم المعنويات".
ويطيل في الحديث عن تأثر نسيب عريضة وميخائل نعيمة بالأدباء الروس وانطباعهم بروح المجتمع هناك، حتى إن نعيمة حين كتب (النهر المتجمد) كان يصور فيها واقع الشعب الروسي كما يراه.
ولم ينس المؤلف الاشارة إلى الزعامات الأدبية التي برزت في صدر القرن الماضي الميلادي منتصف القرن الهجري كمثل العقاد والمازني وشكري وطه حسين وجميع أدباء مصر قدمهم على أنهم يمثلون مبلغ التأثر بالغربيين ومحاكاتهم.
من هنا انطلق في المبحث الثاني إلى الحديث عن تعصب الغربيين على الإسلام والمسلمين وعدم اعترافهم بما قدمت لهم الثقافة الإسلامية من خدمات حتى في الأدب المقارن وروى في ذلك أحاديثَ لبعض الغربيين كمثال للزعم الباطل والتعصب غير المحدود.
من هنا لم يكن له بد من إيضاح الحق -على الأقل في هذا الموضوع (الأدب المقارن)- فقد أخذ في البحث عن (جذور التلاقي بين أدبنا العربي القديم والآداب الأخرى) وقدم في ذلك معلومات حسنة إلا أنه لم يتوصل إلا إلى ما كان بين اللغة العربية وكل من الفارسية والهندية واليونانية.
غير أنه خرج بنتيجة مفادها أن جذور الأدب المقارن وجدت عند العرب ومن غير المستعبد أن يكون الغربيون قد أخذوا ذلك من الأدب العربي وبخاصة الأندلسي لكون الأسبان قد استمدوا من ثقافة العرب أوفر بكثير مما استمده الآخرون الذين أخذوا عن الأسبان ما أخذوه عن العرب.
على أنه في الفصل الثاني (ظاهرة التلاقي بين الآداب: عواملها.. وثمارها) يشير إلى إقبال الغربيين على الأدب العربي وتأثرهم به في القصة مثل (ألف ليلة وليلة) وسواها من الأجناس الأدبية، إلا أن قصص الرحلات والمغامرات كانت أحظى عند الغربيين لعوامل اجتماعية ،أظهرها: عدم نزوعهم فيما سلف إلى الرحلات.
ويعود في الفصل الثالث (تراثنا الأدبي والعلمي يؤثر في الآداب الأوروبية وفي النهضة العلمية الحديثة) فيتحدث بتفصيل نسبي عن تأثير الحضارة العربية بآدابها وعلومها في الحضارة الغربية، مقرراً الموقف السيئ عند متأخري الغربيين، وبخاصة في القرن التاسع عشر وما بعده، وذلك الموقف هو إنكارهم آثار الحضارة الإسلامية ومحاولة طمس دلائل ذلك ولكن الحق يأبى إلا أن يظهر على ألسن بعض الغربيين أنفسهم.
وفي الفصل الرابع (أثر الثقافة العربية والإسلامية في الأدب الألماني - جوته أنموذجاً) يتحدث المؤلف عن أثر الثقافة العربية في الألمان. غير أن حديثه يدور حول (جوته) وصلاته بالثقافة العربية وتفاعله مع الإسلام حتى أنكر على المسيحيين الزعم بأن عيسى ابن الله فبرزت في ثقافته مسألة التوحيد، كما أنه تغنى بكثير من المواقف الإسلامية مشيداً بشهداء المسلمين. وأشياء أخرى تدل على عمق الثقافة الإسلامية عند جوته، كما أن اشارة المؤلف إلى كتاب (جوته والعالم العربي) كانت أكثر من أن تحصر، بل إن هذا الكتاب كان مدار جل الحديث في هذا الفصل.
وكان طبيعياً بعد الحديث عن أثر الحضارة العربية في الألمان أن يتحدث المؤلف عن (أصداء الثقافة العربية والإسلامية في الأدب الروسي) وهو الفصل الخامس، وفي صدره نعى على أبناء العربية تنكرهم للتراث الأصيل وصيرورتهم إلى آداب لأقوام ليسوا من جلدتهم إلى ما فيها من فساد فكري واجتماعي.
وأثنى على ماقدمته الدكتورة مكارم الغمري في كتابها (مؤثرات عربية إسلامية) ولما كان حديث الدكتور المؤلف في صدر هذا الموضوع يشتمل على شهادة لصالح الثقافة العربية من رجال ليسوا من العرب فإننا ننقل هذا المقطع من حديث الدكتور، فهو يقول:
"والشاعر الروسي الكبير الكسندر بوشكين، يقول مؤكداً تأثر المذهب الرومانتيكي في أوروبا.. وروسيا... بالتراث العربي.... وأجواء الحياة العربية: "هناك عاملان كان لهما تأثير حاسم على روح الشعر الأوروبي هما غزو العرب... والحرب الصليبية فقد أوحى العرب إلى الشعر بالنشوة الروحية ورقة الحب، والولع بالرائع والبلاغة الفخمة للشرق، وأكسبه الفرسان الشهامة وبساطة الروح، ومفاهيم البطولة وحرية الشعوب".
"ثم يقول، وفي قوله إنصاف لتراثنا الأدبي والإنساني: "هكذا كانت البداية الرقيقة للشعر الرومانتيكي"".
ويتكامل هذا التوجه.. مع الحنين الرومانتيكي إلى الشرق، وهذا الحنين يحسد إحساسهم بالاغتراب المكاني، فقد فتنوا بطبيعة الشرق الجميلة، ومناظره العجيبة، وشمسه الوضاءة المشرقة.
وبعضهم كان يتحسر إذا لم تتح له الفرصة لزيارة بلاد الشرق مثل "فلوبير" فقد كان يتمنى أن ينام على ظهر الجمال في خطوها المنتظم، وهذا شعور رومانتيكي خالص، وكذلك فيكتور هوجو كان يرى أن (الشرق عالم ساحر مشرق وهو جنة الدنيا، وهو الربيع الدائم مغمورا بوروده، وهو الجنة الضاحكة، وأن الله وهب أرضه زهورا أكثر من سواها، وملأ سماءه نجوما أغزر، وبث في بحاره لآلئ أوفر).
وكم يعجب الإنسان من هذه الصور المضيئة التي أوجزها الكاتب في هذين الفصلين (أثر الثقافة العربية الإسلامية في الأدبين الألماني والروسي). وهذا ما يغري القارئ بمحاولة استيعاب ما اشتمل عليه كتاب (مؤثرات عربية وإسلامية) للدكتورة مكارم الغمري وإن لم نكن في شك من هذا التأثير.
ويعود الدكتور صابر إلى عصره وما جدّ فيه من مؤثرات معاكسة انبهر بها أدباء العصر من العرب فانساقوا وراءها يطلبون منها ما عند أسلافهم ما هو أفضل منه وأروع لو كانوا يفقهون.
يعالج ذلك د.- صابر فيما سماه (أصداء المذاهب الأدبية الأوروبية في الأدب العربي الحديث). وقبل قراءة حديث المؤلف يحسن بنا الاشارة إلى ما ذكره د. طه حسين في أحاديثه الإذاعية، عندما قال: إن أصول جل تلك المذاهب موجودة في الأدب العربي القديم وكان يمثل لكل مذهب تحدث عنه.
أما د. صابر فإنه في هذا الفصل السادس يبدأ الحديث عما يشبه تاريخ ظهور المذاهب الأدبية في العالم الغربي لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن ظهورها في العالم العربي، مقسماً الأدباء بعد شوقي إلى ثلاثة: مدرسة الديوان ومدرسة المهجر وجماعة أبولو، ولم يتحدث بعد ذلك عن مدارس الغوغائية التي جدت فيما بعد. . | |
|
عاشق الصمت عضو فضي
عدد الرسائل : 522 العمر : 34 الموقع : www.h-hayat.yoo7.com المزاج : bien تاريخ التسجيل : 05/01/2009
| موضوع: رد: الأدب المقارن بين التراث والمعاصرة الجمعة يناير 09, 2009 1:19 pm | |
| تسلم ايديك اختي الكريمة على الموضوع الرائع تحياتي لكي | |
|
omayma7456 الادارة
عدد الرسائل : 1094 العمر : 28 المزاج : رايق تاريخ التسجيل : 03/01/2009
| |
حسام عضو مميز
عدد الرسائل : 242 العمر : 47 المزاج : مبسوط تاريخ التسجيل : 14/02/2009
| موضوع: رد: الأدب المقارن بين التراث والمعاصرة الثلاثاء فبراير 24, 2009 7:34 pm | |
| | |
|